بحـث
المواضيع الأخيرة
تواصل
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تواصل
تواصــــــل
كلفت بمهمة رسمية إلي مدينة بشمال الدلتا ...جهزت زوجتي كعادتها حقيبة المهمات الرسمية .اختارت أربطة العنق وألوان القمصان والبدل الجديدة.اشترتهابنفسها.البلوفرات والجوارب.رصّـت الجميع داخـل الحقيبة بعناية فائقـة.زودتني بالتوجيهات المهمة أوصتني بعدم السهر،وأن أتناول الـدواء في مواعيده.دائما تتهمني بالإهمال ، والفوضى،وأنني لا أعتني بأناقتي،وملابسي متنافرة ألوانها…أولادي يفطسون من الضحك حينما يدوي صوتها مؤنبا وموبخا ولائما :
- ماهذا القرف الذي ترتديه .هذه شخبطة .أتذهبت إلي العمل بهذه الملابس ؟!
- ياعزيزتي .يازوجتي ،الجميع معجب بي:النساء قبل الرجال حتي الفتيات الصغيرات الجميلات …
- المهم أنـا وليس هم ... يبدو أنهم مصابون بعمى ألوان … يـووووه … لا داعي لهزارك السخيف ..
-لن أغيب …لم التوتر ؟!سأنهي عملي في أقل من إسبوع ..
-لست متوترة …المهم حافظ على نفسك الدنيا برد …
إنتابنى سرور عظيم لأني سأتحرر من تعليماتها وأوامرها وقيودها …منيت نفـسي بزجاجة بيرة علي الغداء وأخرى على العشاء والسهر في صالة الفندق ،والسـير على كورنيش النيل ..سأذهب إلى شـارع السكة الجديدة ربما أراها في زيارة لأسرتها … تزوجت من سـنين بعـيدة ابن عمها الجاهز المحمل بالهـدايا من بلاد الزيت والملـح واللؤلؤ … كانت تراني من شرفة منزلهم وأنا أقف على الناصـية أتخـفى في مشاهدة الفاترينات … سأستعيد ذكريات الشباب في كازينو "منيرفا"وسينما "عدن".أول فيلم. عرض أول. شاهدته في تلك المدينة كان معها "لعب وضحك وجد وحبّ".آه ياشارع
السكة الجديدة كم مرة قطعناك ذهاب وإيابا. أصابعنا متشابكة ونظراتنا حالمة …أيام الصبا والشباب .أيام زمان .آه ضاعت .. البنات الحلوة الجميلة سافرات .ضاحكات. لاهيات قي براءة .شعورهن متحررة .منسدلة يداعبها أصابع الشوق الوله والنسيم المعطر…
شقراوات وسمراوات وبين بين وناصعات البياض ..عيونهن مشرعات تومض ذكاء وعذوبة ليست كعـيون هذا الزمان خابية الضـوء دامعة في ذبول أو متخفية في تبجح وجهل. ماذا حدث لهذا الزمان ؟! كُنَّ يبعثن الدفء والحيوية في العروق. يسرن في ثقة واعتزاز وشموخ وكبرياء …
000000000000
نزلت من السيارة التي أقلتني في موقف سيارات المحافظات … أخذ السـائق حقيبتي … جلست في كرس خال بجوار فتاة في العشرين من عمرها جميلة .الـسيارة نظيفة والكرسي مريـح، والسائق أنيق. حلـيق الذقن. مهذب على غير العادة. أدار مؤشر الراديو علي موسيقى حالمة ناعمة هادئة .سعدت بها .بتلقائية قلت :
- الله…
سمعني .نظرني في المرآة العاكسة مبتسما…قالت جارتي:
-ألم تركب من قبل مع الباشمهندس ؟!
قلت مستنكرا :
-باشمهندس؟!! ..لا
-تخرج من كلية الهندسة …لم يجد عملا …عمل في أوربا ودول البترول، بعد العودة اشترى هذه السيارة…
-لم تتلوث روحه بعوادم النفط …ولم يتخلق بعد بأخلاق سائقي المواقف… تعرفينه؟
-بلدياتي …وصديق أخي…
ابتسمت ابتسـامة بلهاء … انصـرف كلانا إلي نفسـه …أغمضت عيني. مستمتعـا بالموسيقى الناعمـة .أسندت رأسي …لم تنكمش أوتنـزو في مقعدها كعادة نسـاء هذا الزمان إنما شرعـت تتصفح جريدتها ..استقرت علي صفحة واستغرقت في قراءتها ..أحسست بها تتململ ..نظرتها بجانب عيني لم تكن في حالة طبيعية … ذقنها يرتعش وعضـلات وجهها تتقلص. تجهمت ملامحها من فرط الانفعـال … تتطلعت إلي الصحيفة بدافع الفضـول .كانت تقرأ بريد الأهرام الإسبوعي …طوت الصحيفة …جففت دمعة همت أن تسقط .سألتها أن تغفر لي تطفلي .أهي من المشاكل المأساوية التي يكتبها المحرر ؟!
ابتسمت ابتسامة حزينة :
- عقوق الوالدين ..التنكر المشين لخدمات الآخرين ..إهانة الشيخوخة .نقض لعهد الله مع الإنسان بخلافته في الأرض ، وأبسط مافي هذا العهد الرحمة وبـرّ الوالدين وحفظ الأمانة …
- في الحياة كم هائل من المآسي والعقوق والقسوة والخيانة والأنانية وحبّ المال
والجريمة، وفيها أيضا الوجه الآخر المشرق الذي يعطي بصيصا من الأمل…
- الأبوة لها قدسيتها ،وللشيخوخة جلالها ووقارها واحترامها ..نحن في حاجة إلي صياغة عقد اجتماعي جديد يشترك فيه علماء الاجتماع والمفكرين ..كل أطياف المجتمع السياسية والعقائدية …
- الآن فهمت .. لماذا لم يلفك الخجل المنافق أو عدم الثقة بالنفس وتنـزوي في آخر المقعد كحال نساء وفتيات هذا الزمن الخرب…
- حديثي معك لن يذهب بحيائي ..في ثقافتي وعلمي حماية ورادع لكل من تسول له نفسه أن يخدش حيائي ، أو يعتدي علي خصوصيات، أو يتحرش بي…
- نعم..لابد من حسن الإدراك والثقافة الواسعة والعلم للرجل والمرأة …
هممت أن أفتح الجريدة لأقرأ نفس المشكلة ،ولكني خشيت أن تفضحني دموعي فأنا كجارتي لا أتحكم في دموعي علي مأساة تروى أونهاية فاجعة لفيلم أو
حكاية مأساوية ، كم كنت ضحية لقصص ملفقة أكثر من مرة ،وبتلقائيتي المعتادة
قلت :
-يا خسـارة !!
-يا خسـارة؟ علي أي شئ؟
-علي اللي فات …لو يعود الزمان ربع قرن إلي الوراء …
احمـر وجهها حياء…صمتت وصمتّ…
أحمـــد الشــافعي
كلفت بمهمة رسمية إلي مدينة بشمال الدلتا ...جهزت زوجتي كعادتها حقيبة المهمات الرسمية .اختارت أربطة العنق وألوان القمصان والبدل الجديدة.اشترتهابنفسها.البلوفرات والجوارب.رصّـت الجميع داخـل الحقيبة بعناية فائقـة.زودتني بالتوجيهات المهمة أوصتني بعدم السهر،وأن أتناول الـدواء في مواعيده.دائما تتهمني بالإهمال ، والفوضى،وأنني لا أعتني بأناقتي،وملابسي متنافرة ألوانها…أولادي يفطسون من الضحك حينما يدوي صوتها مؤنبا وموبخا ولائما :
- ماهذا القرف الذي ترتديه .هذه شخبطة .أتذهبت إلي العمل بهذه الملابس ؟!
- ياعزيزتي .يازوجتي ،الجميع معجب بي:النساء قبل الرجال حتي الفتيات الصغيرات الجميلات …
- المهم أنـا وليس هم ... يبدو أنهم مصابون بعمى ألوان … يـووووه … لا داعي لهزارك السخيف ..
-لن أغيب …لم التوتر ؟!سأنهي عملي في أقل من إسبوع ..
-لست متوترة …المهم حافظ على نفسك الدنيا برد …
إنتابنى سرور عظيم لأني سأتحرر من تعليماتها وأوامرها وقيودها …منيت نفـسي بزجاجة بيرة علي الغداء وأخرى على العشاء والسهر في صالة الفندق ،والسـير على كورنيش النيل ..سأذهب إلى شـارع السكة الجديدة ربما أراها في زيارة لأسرتها … تزوجت من سـنين بعـيدة ابن عمها الجاهز المحمل بالهـدايا من بلاد الزيت والملـح واللؤلؤ … كانت تراني من شرفة منزلهم وأنا أقف على الناصـية أتخـفى في مشاهدة الفاترينات … سأستعيد ذكريات الشباب في كازينو "منيرفا"وسينما "عدن".أول فيلم. عرض أول. شاهدته في تلك المدينة كان معها "لعب وضحك وجد وحبّ".آه ياشارع
السكة الجديدة كم مرة قطعناك ذهاب وإيابا. أصابعنا متشابكة ونظراتنا حالمة …أيام الصبا والشباب .أيام زمان .آه ضاعت .. البنات الحلوة الجميلة سافرات .ضاحكات. لاهيات قي براءة .شعورهن متحررة .منسدلة يداعبها أصابع الشوق الوله والنسيم المعطر…
شقراوات وسمراوات وبين بين وناصعات البياض ..عيونهن مشرعات تومض ذكاء وعذوبة ليست كعـيون هذا الزمان خابية الضـوء دامعة في ذبول أو متخفية في تبجح وجهل. ماذا حدث لهذا الزمان ؟! كُنَّ يبعثن الدفء والحيوية في العروق. يسرن في ثقة واعتزاز وشموخ وكبرياء …
000000000000
نزلت من السيارة التي أقلتني في موقف سيارات المحافظات … أخذ السـائق حقيبتي … جلست في كرس خال بجوار فتاة في العشرين من عمرها جميلة .الـسيارة نظيفة والكرسي مريـح، والسائق أنيق. حلـيق الذقن. مهذب على غير العادة. أدار مؤشر الراديو علي موسيقى حالمة ناعمة هادئة .سعدت بها .بتلقائية قلت :
- الله…
سمعني .نظرني في المرآة العاكسة مبتسما…قالت جارتي:
-ألم تركب من قبل مع الباشمهندس ؟!
قلت مستنكرا :
-باشمهندس؟!! ..لا
-تخرج من كلية الهندسة …لم يجد عملا …عمل في أوربا ودول البترول، بعد العودة اشترى هذه السيارة…
-لم تتلوث روحه بعوادم النفط …ولم يتخلق بعد بأخلاق سائقي المواقف… تعرفينه؟
-بلدياتي …وصديق أخي…
ابتسمت ابتسـامة بلهاء … انصـرف كلانا إلي نفسـه …أغمضت عيني. مستمتعـا بالموسيقى الناعمـة .أسندت رأسي …لم تنكمش أوتنـزو في مقعدها كعادة نسـاء هذا الزمان إنما شرعـت تتصفح جريدتها ..استقرت علي صفحة واستغرقت في قراءتها ..أحسست بها تتململ ..نظرتها بجانب عيني لم تكن في حالة طبيعية … ذقنها يرتعش وعضـلات وجهها تتقلص. تجهمت ملامحها من فرط الانفعـال … تتطلعت إلي الصحيفة بدافع الفضـول .كانت تقرأ بريد الأهرام الإسبوعي …طوت الصحيفة …جففت دمعة همت أن تسقط .سألتها أن تغفر لي تطفلي .أهي من المشاكل المأساوية التي يكتبها المحرر ؟!
ابتسمت ابتسامة حزينة :
- عقوق الوالدين ..التنكر المشين لخدمات الآخرين ..إهانة الشيخوخة .نقض لعهد الله مع الإنسان بخلافته في الأرض ، وأبسط مافي هذا العهد الرحمة وبـرّ الوالدين وحفظ الأمانة …
- في الحياة كم هائل من المآسي والعقوق والقسوة والخيانة والأنانية وحبّ المال
والجريمة، وفيها أيضا الوجه الآخر المشرق الذي يعطي بصيصا من الأمل…
- الأبوة لها قدسيتها ،وللشيخوخة جلالها ووقارها واحترامها ..نحن في حاجة إلي صياغة عقد اجتماعي جديد يشترك فيه علماء الاجتماع والمفكرين ..كل أطياف المجتمع السياسية والعقائدية …
- الآن فهمت .. لماذا لم يلفك الخجل المنافق أو عدم الثقة بالنفس وتنـزوي في آخر المقعد كحال نساء وفتيات هذا الزمن الخرب…
- حديثي معك لن يذهب بحيائي ..في ثقافتي وعلمي حماية ورادع لكل من تسول له نفسه أن يخدش حيائي ، أو يعتدي علي خصوصيات، أو يتحرش بي…
- نعم..لابد من حسن الإدراك والثقافة الواسعة والعلم للرجل والمرأة …
هممت أن أفتح الجريدة لأقرأ نفس المشكلة ،ولكني خشيت أن تفضحني دموعي فأنا كجارتي لا أتحكم في دموعي علي مأساة تروى أونهاية فاجعة لفيلم أو
حكاية مأساوية ، كم كنت ضحية لقصص ملفقة أكثر من مرة ،وبتلقائيتي المعتادة
قلت :
-يا خسـارة !!
-يا خسـارة؟ علي أي شئ؟
-علي اللي فات …لو يعود الزمان ربع قرن إلي الوراء …
احمـر وجهها حياء…صمتت وصمتّ…
أحمـــد الشــافعي
أحمد الشافعي- الجنس :
عدد الرسائل : 17
العمر : 81
العمل : موجه سابق بالتربية والتعليم بالمعاش
الهواية : رومانسي/وواقعي
الأوسمة : 0
نقاط : 11495
تاريخ التسجيل : 17/03/2009
رد: تواصل
استاذنا الفاضل
أحمد الشافعى
أولا كلمة ترحيب واجبة اقدمها لشخصك فأهلا بك فى المنتدى الذى كل مانتمناه ان يبقى ويكبر
ثانيا لا اجد من الكلمات ما استطيع ان اعبر به عن روعة كلماتك او يمكن ان نسميها يومياتك المليئة بالواقعية والرومانسية التى تأخذ القارئ الى عالم جميل
استاذى الفاضل
لك كل التحية والتقدير
الروح الهائمة
أحمد الشافعى
أولا كلمة ترحيب واجبة اقدمها لشخصك فأهلا بك فى المنتدى الذى كل مانتمناه ان يبقى ويكبر
ثانيا لا اجد من الكلمات ما استطيع ان اعبر به عن روعة كلماتك او يمكن ان نسميها يومياتك المليئة بالواقعية والرومانسية التى تأخذ القارئ الى عالم جميل
استاذى الفاضل
لك كل التحية والتقدير
الروح الهائمة
رد: تواصل
شكرا للروح الهائمة فأرواحنا كلها هائمة
أحمد الشافعي
أحمد الشافعي
أحمد الشافعي- الجنس :
عدد الرسائل : 17
العمر : 81
العمل : موجه سابق بالتربية والتعليم بالمعاش
الهواية : رومانسي/وواقعي
الأوسمة : 0
نقاط : 11495
تاريخ التسجيل : 17/03/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 25 يناير 2016, 3:01 pm من طرف الشاعر نادر الأسيوطي
» ديوانُ شعري أنوارٌ بمشكاة
السبت 07 نوفمبر 2015, 8:43 pm من طرف زاهية بنت البحر
» شاكر بوعلاقي اعود الى ماضينا
الأربعاء 28 أكتوبر 2015, 4:20 pm من طرف خوري ليليا
» غرف نوم وغرف اطفال ومطابخ وانتيكات
الإثنين 29 ديسمبر 2014, 9:45 am من طرف احمد عطية
» راجعين نادر الأسيوطي
الثلاثاء 18 مارس 2014, 4:57 pm من طرف الشاعر نادر الأسيوطي
» البوم صور شاكر بوعلاقي
الثلاثاء 04 مارس 2014, 6:00 pm من طرف شاكر بوعلاقي
» محكمة
الخميس 13 فبراير 2014, 6:21 pm من طرف الشاعر نادر الأسيوطي
» صلوا علي الحبيب المصطفي
الخميس 26 ديسمبر 2013, 7:08 pm من طرف انا فيروز
» بشـــــــــــــــــــرى لكـــــــل ربــه منزل وسيده
الإثنين 02 ديسمبر 2013, 8:48 pm من طرف انا فيروز
» دقــــــــولــــهــــا الــــهــــون
الخميس 09 أغسطس 2012, 8:23 pm من طرف عامر عبدالسلام