حوار مع خطوط الرمل

من طرف جابر الزهيرى الأحد 28 مارس 2010, 2:12 pm

حوار مع خطوط الرمل
رؤية نقدية لديوان خطوط الرمل تتكلم للشاعر علاء رزق

بقلم
جابر الزهيرى
عضو اتحاد كتاب مصر

لاشك أنه عندما تتوحد الفكرة مع محدثات و مستجدات الأحداث التي تدور في الواقع فيمتزجان في عقل و وجدان شاعر جيد ؛ نصل على تجربة شعرية فريدة في نوعها ، من حيث المفردات و الشكل و الصياغة و حتى الصور الشعرية ،و عندما نجعل ديوان خطوط الرمل تتكلم للشاعر علاء رزق نموذجاً لنطبق عليه ما قلنا ، سنجد أنه تجربة جديدة بالوقوف معها و التأمل فيها رغم أنها المجموعة الأولى لذلك الشاعر الموهوب

الشاعر هنا في مجموعته يبرز لنا الهم العربي و الهم المصري عارياً مجرداً من كل ثياب الزيف التي ـربما ـ يبرر بها سلبياته الظاهرة لكل البشر فتعامل معها الشاعر بأسلوب بسيط متعمّق في نفس الوقت محتفظاً بمفرداته الصعيدية التي لم يهجرها في أي من قصائده و إن حاول ـ في بعض الأحيان ـ لكنها كانت تتفوق عليه ، فتظهر في الصور الشعرية و حتى لوحة الغلاف ترك بها أصالة و قيم البيت الريفي موجهاً رسالته من خلالها أن عودوا إلى الأصل في كل شيء ، فنرى المنزل البسيط و أمامه إناء الماء الفخاري ( الزير) و البئر و كذلك صورة الأم التي تحمل العديد و العديد من الإيحاءات التي يقصدها الشاعر

أما عن موضوعات الديوان فهي تخاطب الوجدان و العقل معاً و لكم توقفت أمام رباعياته الرائعة التي صاغها من صلصال هموم المواطن النابذ لما يرى من سلبيات المجتمع و كذلك ما خرج على لسان أم الشهيد أو الشهيد نفسه أو الحفيد ( ومضة الأمل التي ننتظرها جميعاً )

و حتى إذا تطرق إلى موضوع الطب البديل نجده يبحث عن الأصالة فنرى علاء رزق جالساً على (المصطبة )أو على شاطئ الترعة ينظر إلى الكون مقارناً بين زمن الأصالة بما فيه من عمل و جهد ينتج عنه نجاح و ربح و بين زمن العولمة و ما به من سلبيات حطمت عزائم البشر في مجالات شتى

الديوان يميل من حيث الشكل إلى الشكل الأصيل أيضاً من كونه ملتزماً بالوزن العروضي و القافية و إن كان بها بعض الهنات التي يغفرها للشاعر كونها أولى تجاربه

كذلك تمسكه بأصالته و قيمه حتى في قصائده الغزلية ـ القليلة ـ لا نجد أثراً لقول أو لفظ صريح للمغازلة فقد انتهج منهج الشعراء العذريين

و في قصائده للأم نجد تدفقاً في العاطفة في ألفاظ تحمل كماً كبيراً من الحب المتوج بالإجلال رغم وجود بعض المباشرة في أسلوب عرض القصائد

و أعتقد أن علاء رزق لديه الحس الملحمي ظاهراً بشكل طيب فإننا نلحظ بعض القصائد بها قصة مكتملة الأركان من شخوص و زمان و مكان و عقدة و حل و هدف و صراع متنامي فعلى سبيل المثال قصائد عودة فلاح و خطوط الرمل تتكلم و غيرها ..... وكأنه أحد شعراء السيرة الهلالية يعزف ملحمته على وتر الربابة ليمتعنا بعذبة اللحن و جمال السرد

كم توقفت أثناء قراءتي لهذه المجموعة مع قول الشاعر ملتن (قبل أن تكتب قصيدة جيدة لابد أن تكون أنت قصيدة جيدة ) و بالفعل علاء رزق قصيدة جيدة لذلك خرجت مجموعته بهذه الصورة من الجودة في الإحساس والتعبير و أتمنى أن تظهر لنا مجموعته الثانية و قد تطورت فيها إبداعاته و نضجت تجربته في إطار أصالته التي قلما وجدت مثيلها

خالص تحياتي و تقديري للشاعر و أمنياتي أن يخط لنا على رمال الإبداع مجموعات أكثر ليمتعنا أكثر و أكثر

جابر الزهيرى

( نشرت هذه الرؤية النقدية بالعدد رقم 577 بجريدة اللواء العربي الدولية بتاريخ 13 / 6 /2008 )